خالد Admin
عدد المساهمات : 182 تاريخ التسجيل : 10/07/2009
| موضوع: شوق الحبيب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السبت فبراير 13, 2010 1:12 am | |
| دعونا إخوتي الكرام نستقي شربة من النبع العذب الصافي تروي كل عطشٍ ظمآن .و نقتبس قنديلاً من السراج الذي أوقده محمد صلى الله عليه و سلم إذ نقف على حديث عظيم عجيب يربط أول أمة محمد بآخرها ينقلها نقلة أخرى تجتمع أمته كلها في صعيد واحد هناك في الدار الآخرة في عرصات القيامة في منزلة تتشوف لها كثير من النفوس فيا فوز و يا سعادة و يا هناء من حضي بتلك المنزلة حديثا حديث تضلله مشاعر الحب من ذلك القلب الكبير قلب محمد صلى الله عليه و سلم الذي يفيض بحب لا حدود له رغم كثرة العناء و المعاناة و لكنه قلب محمد صلى الله عليه و سلم ذلك القلب الرحيم العطوف حب لم يقتصر على الجيل الذي عايشه و رباه على عينه و بادله مشاعر الحب و جهد و جاهد في الدفاع عنه و الفداء له و لكنه حب تجاوز الحدود ليصل إلى قوم لم يراهم و لم يخالطهم لكنهم أمنوا به و اقتدوا به و تأسوا بهديه و تمنوا لقاءه و لو فقدوا كل شيء في الحياة فكافأهم صلى الله عليه و سلم بأن أفاض عليهم أعظم مشاعر الوداد فتوجهم بتاج الإخاء و ما أعظمه من تاج فعبر عن ذلك بشوق لا يملك المؤمن المحب المشتاق دمع عينه عن الجريان فتعالوا معنا عباد الله نجسد كل هذه المعاني من خلال هذا الحديث العظيم و نقف معه نستلهم الدروس و العبر . عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المقبرة فقال : ( السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون وددت أني قد رأيت إخواننا) فقالوا : يا رسول الله ألسنا بإخوانك قال بل أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد وأنا فرطهم على الحوض ) فقالوا : يا رسول الله كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك قال أرأيت لو كان لرجل خيل غر محجلة في خيل دهم بهم ألا يعرف خيله) قالوا : بلى يا رسول الله قال : ( فإنهم يأتون يوم القيامة غرا محجلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض فلا يذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال أناديهم ألا هلم ألا هلم ألا هلم فيقال إنهم قد بدلوا بعدك فأقول فسحقا فسحقا فسحقا ) رواه مالك في الموطأ و النسائي و ابن حبان بسند صحيح . الدروس و العبر : أولاً : حب النبي صلى الله لأمته و شوقه لأتباعه تعالوا معنا نتأمل الحديث في روايات أخرى و أحاديث أخرى عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم ( وددت أني لقيت إخواني ) فقال أصحابه : أوليس نحن أخوانك ؟ قال : ( أنتم أصحابي ، و لكن إخواني الذين آمنوا بي و لم يروني ) رواه الإمام أحمد بسند حسن في موقف آخر يعب الحبيب عن هذا الشوق عن أبو جمعة قال : تغدينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا أبو عبيدة بن الجراح قال فقال يا رسول الله هل أحد خير منا اسلمنا معك وجاهدنا معك قال: ( نعم قوم يكونون من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني ) رواه الإمام أحمد و قال شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن أناسا من أمتي يأتون بعدي يود احدهم لو اشترى رؤيتي بأهله و ماله ) رواه الحاكم و صححه و افقه الذهبي و حسنه الألباني .
فالواجب علينا أن نبادل رسولنا صلى الله عليه و سلم مشاعر الحب و الوداد و أن نتمنى لقياه عليه الصلاة و السلام و يكونا هدفنا الأعظم الفوز بحبه والتأسي به و ليكون السؤال الذي يشغل بال المحب كيف نرد حوضه كيف نظفر بلقائه ؟ لابد أن تنبعث مشاعر الحب من قلوبنا حباً صادقاً يصدقه العمل و الإتباع لا قولا باللسان فحسب . و لنتذكر حال سلفنا الصالح في حبهم لرسول و شوقهم إليه صلى الله عليه و سلم عن عبدة بنت خالد بن معدان قالت : [ ما كان خالد يأوي إلى فراش إلا و هو يذكر من شوقه إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و إلى أصحابه من المهاجرين و الأنصار يسميهم و يقول : هم أصلي و فصلي و إليهم يحن قلبي طال شوقي إليهم فعجل ربي قبضي إليك حتى يغلبه النوم ] و قال إسحاق التجيبي : كان أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم بعده لا يذكرونه إلا خشعوا و اقشعرت جلودهم و بكوا و قال مالك ـ وقد سئل عن أيوب السختياني : [ ما حدثتكم عن أحد إلا و أيوب أفضل منه : و قال : وحج حجتين فكنت أرمقه و لا أسمع منه غير أنه كان إذا ذكر النبي صلى الله عليه و سلم بكى حتى أرحمه ] وقال مصعب بن عبد الله : [ كان مالك إذا ذكر النبي صلى الله عليه و سلم يتغير لونه و ينحني حتى يصعب ذلك على جلسائه فقيل له يوما في ذلك فقال لو رأيتم ما رأيت لما أنكرتم علي ما ترون و لقد كنت أرى محمد بن المنكدر وكان سيد القراء لا نكاد نسأله عن حديث أبدا إلا يبكي حتى نرحمه ] . وقال ثابت البناني لأنس بن مالك رضي الله عنه : [ أعطني عينيك التي رأيت بهما رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى أقبلها ]. و عن جبير بن نفير عن أبيه قال جلسنا إلى المقداد بن الأسود يوما فمر به رجل فقال : طوبى لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لوددنا انا رأينا ما رأيت وشهدنا ما شهدت ) رواه الإمام أحمد وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح أخي هل يحملك الشوق إلى لقاء النبي صلى الله عليه وسلم و هل تحدث نفسك برؤيته هل أقبلت على سنته و اقتفيت آثاره طمعاً في الظفر بالورود على حوضه و شوق لرؤيته هل تردد ما قاله هذا المشتاق: نسينا في ودادك كل غال *** فأنت اليوم أغلى ما لدينا نلام على محبتكم و يكفي *** لنا شرف نلام و ما علينا ولما نلقكم لكن شوقاً *** يذكرنا فكيف إذا التقينا تسلى الناس بالدنيا و إنّا *** لعمر الله بعدك ما سلونا يقول ابن القيم رحمه الله : [ فإذا صدق في ذلك ـ أي العبد ـ رزق محبة الرسول واستولت روحانيته على قلبه فجعله إمامه ومعلمه وأستاذه وشيخه وقدوته كما جعله الله نبيه ورسوله وهاديا إليه فيطالع سيرته ومبادئ أمره وكيفية نزول الوحي عليه ويعرف صفاته وأخلاقه وآدابه في حركاته وسكونه ويقظته ومنامه وعبادته ومعاشرته لأهله وأصحابه حتى يصير كأنه معه من بعض أصحابه ] مدارج السالكين جـ3صـ268 ثانياً : الحذر من مخالفة هدي النبي صلى الله عليه و سلم فإن ذلك مؤذن بالحرمان من ورود حوض النبي صلى الله عليه و سلم عن أبي هريرة أنه كان يحدث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي فيجلون عن الحوض فأقول يا رب أصحابي ؟ فيقول إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى ) رواه البخاري و تأمل قول النبي صلى الله عليه و سلم : (فيقال إنهم قد بدلوا بعدك فأقول فسحقا فسحقا فسحقا ) ألا ما أعظم الحرمان و ما أجل الخسران من حرم هذا اللقاء العظيم ثالثاً : الإيمان بالحوض الذي خص الله به أمة محمد صلى الله عليه عن عبد الله بن عمرو: قال النبي صلى الله عليه وسلم ( حوضي مسيرة شهر ماؤه أبيض من اللبن وريحه أطيب من المسك وكيزانه كنجوم السماء من شرب منها فلا يظمأ أبدا ) رواه البخاري فحري بكل محب صادق لنبيه صلى الهر عليه و سلم أن يشتاق إلى ذلك اللقاء و يحن إليه فمالي لا يحن إليك قلبي **** و حلمي أن أقبل مقلتيك و أن ألقاك في يوم المعاد **** و ينعم ناظري من وجنتيك رابعاً: فضل الوضوء و أن الله خص أمة محمد بأنهم يأتون يوم القيامة غراً محجلين من أثار الوضوء قال المناوي رحمه الله [غرا محجلين من آثار الوضوء وما ذاك إلا لأن المؤمن يكسى في القيامة نورا من أثر السجود ونورا من أثر الوضوء نور على نور فمن كان أكثر سجودا أو أكثر وضوءا في الدنيا كان وجهه أعظم ضياء وأشد إشراقا من غيره فيكونون فيه على مراتب من عظم النور والأنوار لا تتزاحم ألا ترى أنه لو أدخل سراج في بيت ملأه نورا فإذا أدخل فيه آخر ثم آخر امتلأ بالنور من غير أن يزاحم الثاني الأول ولا الثالث الثاني وهكذا ؟ ] خامساً : مشروعية زيارة القبور و السلام على أهلها و قد كان النبي صلى الله عليه و سلم يكثر من زيارتها و يحث على ذلك و كان الصحابة رضي الله عنهم و السلف الصالح يكثرون من زيارة القبور تأسياً برسول الله صلى الله عليه و سلم . و تشرع زيارة القبور لأمور : 1 ـ السلام على الأموات و الدعاء و الاستغفار لهم فإنهم في أمس الحاجة إلى ذلك فقد حيل بينهم و بين زيادة الحسنات و تكفير السيئات . عن عائشة قالت فقدت النبي صلى الله عليه وسلم فاتبعته فأتى البقيع فقال السلام عليكم دار قوم مؤمنين أنتم لنا فرط وإنا بكم لاحقون اللهم لا تحرمنا أجورهم ولا تفتنا بعدهم ورواه أبو داود 2 ـ تذكر الموت و الدار الآخرة قال صلى الله عليه و سلم : ( زوروا المقابر فإنها تذكركم الآخرة ) وعن البراء قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة . فجلس على شفير القبر . فبكى حتى بل الثرى . ثم ( يا إخواني لمثل هذا فأعدوا ) رواه ابن ماجة وحسنه الألباني . و لذا كانت تلك الزيارات للسلف الصالح أعظم واعظ ومذكر فقد كان عثمان رضي الله عنه إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته فقيل له تذكر الجنة والنار فلا تبكي وتبكي من هذا فقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال القبر أول منازل الآخرة فإن ينج منه فما بعده أيسر منه وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما رأيت منظرا قط إلا والقبر أفظع منه ) رواه ابن ماجة و الإمام أحمد و حسنه الألباني . و مر علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ بالمقابر فوقف عليها قليلا فقال : السلام عليكم أهل الديار الموحشة و المحال المقفرة أنتم لنا سلف و نحن لكم تبع و بكم عما قليل لاحقون اللهم اغفر لنا و لهم و تجاوز عنا وعنهم طوبى لمن ذكر المعاد للحساب و قنع بالكفاف و رضي في جميع أحواله عن الله تعالى ثم قال : يا أهل القبور أما الزوجات فقد نكحت و أما الديار فقد سكنت و أما الأموال فقد قسمت هذا خبر ما عندك فما خبر ما عندكم ؟ ثم التفت إلى أصحابه فقال : أما إنهم لو تكلموا لقالوا : وجدنا خير الزاد التقوى وقال مالك بن دينار مررت بالمقبرة فأنشأت أقول أتيت القبور فناديتها ... فأين المعظم والمحتقر وأين المدل بسلطانه ... وأين المزكى إذا ما أفتخر تفانوا جميعا فما مخبر ... وماتوا جميعا ومات الخبر تروح وتغدو بنات الثرى ... فتمحو محاسن تلك الصور فيا سائلي عن أناس مضوا ... أما لك فيما ترى معتبر | |
|